تحقيقات وتقارير

تماسيح الزوامل تُرعب الشرقية… شهادات الأهالي تكشف لغز ظهور “وحوش المصرف”

ذعر مفاجئ في قرى بلبيس: تماسيح تتجول على حافة المصرف

لم يكن أهالي قرية الزوامل التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية يتوقعون أن يستيقظوا على مشهد خارج تمامًا عن طبيعة مناطقهم الريفية الهادئة. فخلال الأيام الماضية، تحول مصرف مائي ضيق إلى بؤرة رعب بعد ظهور تماسيح تتحرك داخله وتخرج أحيانًا إلى الجسر الملاصق للمنازل والمدرسة الابتدائية.

ومع تداول الصور ومقاطع الفيديو، انتشرت حالة من القلق بين الأهالي، وتحدث البعض عن مشاهداتهم التي أكدت وجود أكثر من تمساح، في حين رأى آخرون أنها مجرد مبالغة ناتجة عن الخوف المفاجئ.

الأهالي الذين اعتادوا التعامل اليومي مع الترع والمصارف، وجدوا أنفسهم فجأة أمام مشهد غير مألوف؛ زواحف ضخمة تتحرك في مياه المصرف المار وسط القرية، ما جعل الكثيرين يبتعدون عنه ويراقبونه من بعيد، خوفًا من أن يظهر التمساح على غير المتوقع أو يهاجم أحد المارة، خاصة الأطفال المتجهين إلى مدارسهم.

تحرك رسمي عاجل… والبحث عن مصدر ظهور التمساح

مع تزايد البلاغات وتصاعد حدة الذعر بين السكان، وجهت محافظة الشرقية بتشكيل فرق عاجلة من جهاز شؤون البيئة، ومديرية الطب البيطري، والمسطحات المائية، والموارد المائية والري.

بدأت هذه الفرق أعمال تمشيط واسعة للمصرف، واستخدمت زوارق صغيرة للبحث عن التمساح الذي شوهد في أكثر من موقع، خصوصًا في نطاق قرية السدرة والعزب المجاورة.

كما استعانت المحافظة بفريق متخصص من المحميات الطبيعية في أسوان، باعتبارها الجهة الأكثر خبرة في التعامل مع التماسيح، لتمشيط المنطقة بشكل أكثر دقة، بعد تداول مقاطع تظهر التمساح وهو يسبح على سطح المياه.

هذا التحرك السريع جاء استجابة لمناشدات الأهالي الذين طالبوا بتأمين المنطقة قبل وقوع أي حادث قد يهدد حياة الأطفال أو المزارعين.

ورغم حالة الترقب الشعبي، فإن الرسائل الرسمية جاءت مطمئنة مصدر بالوحدة المحلية لمركز ومدينة بلبيس، الذي نفى وجود “أعداد كبيرة” من التماسيح، مؤكدًا أن المعاينات الأولية أثبتت وجود تمساح صغير الحجم فقط، مرجحًا أن يكون قد أُلقي في المصرف بواسطة شخص كان يربيه بشكل غير قانوني.

وأوضح أن بيئة المصرف المليئة بالمخلفات الضحلة لا تسمح للتماسيح بالعيش أو التكاثر، وأن الحديث عن انتشارها “غير دقيق ومبالغ فيه”.

أصوات الأهالي: روايات تزيد الغموض وتكشف مخاوف حقيقية

رغم تطمينات المسؤولين، فإن شهادات الأهالي تحمل روايات مختلفة وجوانب من الخوف الحقيقي الذي عاشته القرية.

من بين أكثر الروايات تداولًا ما قاله محمد بكر، أحد سكان قرية الزوامل، والذي يؤكد أنه رأى بنفسه أربعة تماسيح تتحرك داخل المصرف وتظهر أحيانًا على الطريق الترابي الملاصق له.

يقول بكر: “شوفنا بعينينا أكتر من واحد، أطوال بعضها تعدي المتر… بقينا نشوفها في المياه وهي طالعة على الطريق. الأطفال مرعوبين، والناس بقت تخاف تروح الأرض لوحدها.”

وأضاف أن المخاوف تضاعفت بعد واقعة أثارت الجدل: “في بقرة نافقة اترمت في المصرف… وما عداش كام ساعة واختفت. كل الناس قالوا إن التماسيح أكلوها.”

هذه الرواية تحديدًا جعلت البعض يقتنع بأن وجود التماسيح ليس حدثًا عابرًا، وأنها قد تكون أكبر حجمًا أو أكثر عددًا مما تم الإعلان عنه رسميًا.

من جهته، يروي أحمد الغمري تجربته الأولى مع رؤية التمساح، قائلًا: “الطريق ده بيمشي فيه أطفال الصبح… وشوفنا التمساح بيظهر وقت الزحمة. الناس مش مستوعبة إن ده يحصل عندنا.”

أما حسن عبدالله، المزارع المقيم قرب المصرف، فيصف لحظة مواجهته مع التمساح ليلًا بأنها كانت من أصعب اللحظات: “كنت بسقي الأرض، وبصيت لقيته قدامي… جريت من غير ما أفكر. أول مرة في حياتي أشوف تمساح في بلدنا.”

هذه الشهادات، رغم اختلافها مع الرواية الرسمية، تعبر عن حالة الرعب التي أصابت الأهالي، خاصة أن المصرف يمر بجوار مدرسة، ويستخدمه المزارعون بشكل يومي.

تساؤلات بيئية: هل نحن أمام خلل أكبر؟

بعيدًا عن مشاهد الذعر، أثارت الواقعة موجة من التساؤلات البيئية حول مصدر ظهور التمساح أو التماسيح. بعض الأهالي رأوا أن الحادث يمثل “جرس إنذار” يكشف ضعف الرقابة على تجارة الحيوانات البرية، خاصة أن تربية صغار التماسيح بشكل غير قانوني ليست جديدة على بعض المناطق، وغالبًا ما يلجأ أصحابها للتخلص منها بعد أن يزداد حجمها.

آخرون اعتبروا أن الواقعة ربما تكون عرضية، لكنهم أكدوا أن مجرد دخول تمساح واحد إلى مصرف بجوار منطقة مأهولة بالسكان يمثل خطرًا كبيرًا، ويتطلب تدخلًا أكثر صرامة. كما طالب عدد من الأهالي بضرورة بناء حائط ساند على جوانب المصرف القريب من المدرسة لضمان مرور الأطفال بأمان.

عمليات التمشيط مستمرة… والأهالي ينتظرون التأكيد النهائي

ورغم مرور أيام على بداية عمليات التمشيط، لم تصدر الجهات المختصة إعلانًا نهائيًا يؤكد الإمساك بالتمساح أو نفي وجود تماسيح أخرى. هذا الفراغ المعلوماتي ترك الأهالي معلقين بين الروايات، وجعل الخوف مستمرًا، خاصة في القرى التي شهدت مشاهدات متكررة للزاحف.

ورغم تصريحات المسؤولين التي تقلل من حجم المشكلة، فإن الأهالي يرون أن الأمر لا يحتمل التهوين، وأن وجود تمساح واحد كافٍ لإحداث كارثة في لحظة. البعض توقف عن إرسال أبنائه إلى المدارس مبكرًا، بينما فضّل آخرون مرافقة أطفالهم في الذهاب والعودة.

 “تماسيح الزوامل” تتحول إلى حديث الشرقية

سواء كان ما ظهر تمساحًا واحدًا صغيرًا كما تقول الجهات الرسمية، أو أربعة كما يؤكد بعض السكان، فإن المؤكد أن واقعة ظهور تماسيح في مصرف زراعي داخل منطقة مأهولة تمثل حدثًا غير مسبوق في الشرقية، ويفتح الباب لمناقشة أوسع حول الرقابة البيئية والأمان المجتمعي.

ومع استمرار التمشيط دون إعلان نهائي، يظل المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، ويظل الأهالي في حالة ترقّب حتى تعلن الجهات المختصة الإمساك بالتمساح فعليًا أو التأكد من خلو المنطقة بالكامل.

فالخطر بالنسبة لهم لا يزال قائمًا… والهدوء لن يعود إلا مع رؤية نهاية واضحة لقصة “تماسيح الزوامل” التي تحولت إلى حديث المحافظة بالكامل.

    

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى